قلعة نزوى
نظرا لما قامت به نزوى من دور هام في داخلية عمان عبر حقب التاريخ الماضية فقد قام الامام سلطان بن سيف اليعربي الذي خلف الامام ناصر بن مرشد خلال فترة حكمه بين 1649ـ1679م ببناء قلعة نزوى
وتعتبر قلعة نزوى من اروع واضخم المآثر الحضارية والتاريخية في عمان فموقعها في وسط مدينة نزوى وملاصق لمركزها السياسي القديم ـ حصن نزوى ـ وعلوها المتميز الذي جعلها من اهم المعالم التاريخية في السلطنة.
واستغرق بناؤها اثنتى عشرة سنة وانفق الامام سلطان على بنائها مما غنمه من احدى غزواته التاريخية المعروفة بـ(ديو) حيث استولت قواته على غنائم وثروات كبيرة .. ويقال ان ديو كانت احد اكبر مراكز البرتغاليين البحرية في الشرق والامام سلطان هو الذي شق فلج بركة الموز بين ازكي ونزوى وقد كان الغرض المحدد لهذا القلعة هو التحكم في تلك الواحة الداخلية وفي الطرق المحيطة بها .
مشيرا الى ان القلعة عبارة عن مبنى دائري كبير مبنى بالحجر والصاروج العماني يبلغ ارتفاعها 115 قدما وقطرها 150 قدما وهي بمثابة منصة منبسطة السطح اقيمت على قاعدة مردومة بالحجارة علوها 15مترا وتتكاثف امامها اشجار النخيل والمباني المحيطة بها ويتم الصعود الى اعلى القلعة عن طريق سلم ضيق على حرف(ح) حيث يوجد عند كل منعطف منه باب لعرقلة الهجوم المحتمل من الاعداء وعدد هذه المنعطفات سبعة تحميها فتحات قاتلة تطل من اعلى القلعة على كل منعطف منها وذلك لإلقاء القذائف منها على المهاجمين كما يوجد تحت كل منعطف بئر وامامه باب ذو متاريس فاذا افلت العدو من القذائف او الماء الحار او الدبس المغلي (عسل النخيل) التي تنهال من الفتحات في اعلى القلعة سقط في البئر واذا نجا من الاثنين عاقته البوابة واذا افلت من منعطف تعذر عليه ذلك في المنعطف التالي وتتزود القلعة بحاجتها من المياه من عدد من الآبار بداخلها ووجود عين ماء جارية تحتها كما توجد مخازن الذخيرة والمواد التموينية.
وكانت المواد التموينية ترفع بحبال من الفتحات تطل من سور القلعة وتلف حول عجلة في اعلى القلعة وهي ايضا نفس الطريقة التي تستخرج بواسطتها مياه القلعة من آبار القلعة الى سطحها.
وتوجد بسطح القلعة فتحتان تؤدي الى مخزنين عمق كل منهما خمسة امتار كانتا تستخدمان كمخازن للأسلحة .
واضاف :ان منصة القلعة الدائرية مزودة بفتحات للمدافع تضمن اطلاق النار وانتشارها 360 درجة كاملة وترتفع الجدران فوق المنصة الى عشرة امتار وبها يتم استكمال المبنى وتتيح له بذلك منطقة دائرية لتحرك المدافعين الذين يستطيعون اطلاق النيران من فتحات توفر لهم الحماية وتمثل قلعة نزوى التطور في نمط القلاع بين عامي (1059هـ ـ 1090هـ 1649ـ1679م) القائم على اساس برج المدفعية .. وهي قلعة حصينة الى يومنا هذا ويمكن اعتبار قلعة نزوى معمارا انتجته حرب مدفعية الابراج فاختلفت بذلك عن معمار قلاع عمان السابقة عليها ولهذا يتميز بناؤها بانه على اقصى درجة ممكنة من الصلابة وذلك حتى يستطيع امتصاص ارتجاجات مختلف انواع المدفعية حين تنطلق وقد تحقق ذلك لكونها كتلة حجرية رصينة .
وقال : بان قلعة نزوى تطورت تطورا طفيفا في ذلك الوقت بتطور تكنولوجيا الحروب فتم ادخال تعديلات على عمارة القلعة حتى يصبح من الممكن وضع مدافع اخف وزنا في مواقع غير مكشوفة وذلك بهدف تقليل الغازات الضارة الناتجة عن اطلاق القذائف ولا يزال يوجد بها حتى اليوم بعض المدافع على السطح منها ما تم صنعه في نزوى وعليه كتابة باللغة العربية فمثلا احد المدافع يمكن قراءة اسم الامام سلطان بن سيف المحفور عليه.
كما ان هناك مدفعا من مدينة بوسطن بالولايات المتحدة الاميركية قد تم اهداؤه الى احمد بن نعمان الكعبي اول سفير عماني الى الولايات المتحدة عام 1840م ويوجد بهذه القلعة 480 مرمى للبنادق لرمي الاعداء ضد أي هجوم عليها ويوجد بها كذلك 240 سراجا للزينة على مدار القلعة ومائة وعشرون عقدا لوقوف الحراس المناوبين لحراسة القلعة والبلاد وبها اربع وعشرون فتحه للمدافع الكبيرة واربعون رفصة أي مدرج السلم الذي يصعد عليه الناس وقد اسس بناؤها على قاعدة صلبة بعمق ثلاثين مترا أي من فوق الماء الجوفي.
اما الحصن الملاصق للقلعة فقد شيد اول جزء منه الامام الصلت مالك بن عام 237هـ ـ 851م ـ وفي رواية اخرى انه بني قبل تولي الامام الصلت بحوالي 12 عاما.
وجدد بناؤه في عهد الامام ناصر بن مرشد اليعربي عام (1034هـ ـ 1624م) وبقي الحصن والقلعة مقرا اداريا للولاية على مر العصور يسكنه الائمة والولاة.
تعليقات
إرسال تعليق